كل ألوان الدخان يشاهدها اللبنانيون تتصاعد من الغارات التدميرية العنيفة التي ينفّذها سلاح الجو الإسرائيلي بحقد دفين ومتراكم على الضاحية والجنوب والبقاu... إلّا أن الدخان الأبيض لم يظهر بعد من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي وصلت صيغة مقترحه رسمياً إلى عين التينة، بمغلف سلّمته السفيرة الاميركية إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكذلك إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
وكشفت مصادر رفيعة المستوى لـ«الجمهورية»، انّ السفيرة جونسون نقلت إلى بري، انّ إدارة ترامب الجديدة باركت مساعي الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين وأعطته green light وlaissez passer لمتابعة مهمّته.
وقالت هذه المصادر، إنّ جونسون قدّمت لبري صياغة للمقترح الذي سبق واتفق على خريطة طريقه في اجتماعه الأخير مع هوكشتاين في زيارته بيروت قبيل الانتخابات الاميركية.
واكّدت المصادر أنه "ليس صحيحاً أنّ هذا المقترح هو صك استسلام للعدو، إنما هناك آليات لتطبيق القرار 1701 تضمن حسن تنفيذه من قبل طرفين فقط لا غيرهما الولايات المتحدة وفرنسا".
ووعد رئيس المجلس النيابي بتسليم الملاحظات في أسرع وقت، وهذا ما حصل. إذ على الفور عُقدت اجتماعات مع قيادة "حزب الله" وبالتنسيق مع الرئيس ميقاتي، وتمّ تسليم الملاحظات في ساعة متأخّرة لهوكشتاين عبر السفارة الاميركية.
واكّد مرجع كبير لـ"الجمهورية"، أنّ هناك تشاوراً وتبادل أفكار بين بيروت وواشنطن، ولكن لم يتمّ التوصل إلى نتائج نهائية بعد، ولكن التشاور مستمر على أمل التوصل إلى نتائج توقف العدوان الاسرائيلي وفق القرار 1701 من دون أي مسّ بالسيادة اللبنانية.
وإلى ذلك، قالت مصادر ديبلوماسية لـ"الجمهورية" أن ليس في الأفق احتمال حصول تسوية تنهي الحرب الدائرة حالياً في لبنان، ما دام الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين ينأى بنفسه عن القيام بوساطة بين الطرفين، وما لم يقرّر في هذا السياق زيارة بيروت.
وقالت هذه المصادر لـ"الجمهورية"، إنّ المعلومات التي وصلت إليها عن أجواء الاتصالات الجارية في واشنطن حول الحرب في لبنان، والتي يشارك فيها وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، وتشمل فريق دونالد ترامب ومسؤولي إدارة جو بايدن على حدّ سواء، لا توحي إطلاقاً باتفاق قريب.
ولاحظت المصادر، أنّ حكومة بنيامين نتنياهو تتعمّد التصرّف بطريقتين متناقضتين تماماً.
ففيما يتحدث بعض المسؤولين الإسرائيليين عن قرب التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب في لبنان، يتخذ القادة العسكريون اتجاهاً معاكساً، فيعلنون الانتقال إلى المرحلة الثانية من الهجوم البري، وينفّذون عمليات عسكرية شرسة في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت والمناطق اللبنانية الأخرى.
وتفسير المصادر لهذا التناقض، هو أنّ هاجس حكومة الحرب الإسرائيلية حالياً هو استعجال فرض الوقائع العسكرية على الأرض وتأخير التسوية، ريثما يتولّى ترامب مهمّاته الرئاسية، فيصبح ممكناً فرض هذه التسوية على الجميع بالشروط الإسرائيلية.